يحسب للباحث فراس السواح، الكثير، وكذلك للدكتور كمال الصليبي، ومن ذلك قدرتهما على الوصول الى جمهور واسع من القراء، وجعله يهتم بقضايا عادة لا تشكل جزء من اهتمام الراي العام العربي.
ولكن ما يحدث على صعيد دراسة المواضيع التي يتصدى لها كل من السواح والصليبي، ان الاثنين يتحدثان عن مواقع لم يزوراها، ولم ينقبا فيها، وان كان ذلك غير مهم، فلا يمكن فهم الكتابة عن مكان لم يزره الباحث، واذا تم تفهم ذلك، فان من الصعب فهم التعصب والمحاججة وعبارات الحسم التي تميز كتاباتهما.
قرات مؤخرا كتاب السواح (الحدث التوراتي والشرق الادنى القديم) وفيه يحاجج الصليبي صاحب نظرية (التوراة جاءت من جزيرة العرب).
ورغم اعجابي بداب السواح، وسعيه لاثبات بطلان نظرية الصليبي، الا انه اثار شفقتي وهو يتحدث عن الاماكن التي تم فيها التنقيب الاثاري في فلسطين، لاثبات نظريته.
لا اعتقد انه توجد اية اهمية لاية دراسة، او بحث، او حتى خبر صحافي، دون عمل ميداني دؤوب، وهو امر لم يرتقي له الباحثون العرب، ولا اظن انهم سيصلون اليه في وقت قريب.
ساشير فقط الى عبارة مستفزة وردت في كتاب السواح عن سبسطية (السامرة) يمكن للقاري ان يعجب لعبارات الحسم فيها "وقد جاءت نتائج التنقيب الاثري في موقع السامرة في اتفاق مع الرواية التوراتية، فمدينة السامرة، هي الموقع الوحيد في فلسطين الذي بني على التربة العذراء دون طبقات اثارية سابقة عليه".
لو ان السواح زار المكان، زيارة عابرة، لاكتشف كم هول الجريمة التي ارتكبها بالبعد عن العمل الميداني، والارتكاز الى سلسلة مقاربات منطقية.
الامر اكثر تعقيدا بكثير مما يطرح عادة في كتابات السواح او الصليبي، وان كان يتوجب تحيتهما على امتلاكهما كل هذه الجراة للكتابة عن اماكن لم يعرفوها الا من الخرائط، ومن حسن حظهما انهما يكتبان لجمهور غير مدقق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق