لم يجد طلبة جامعة القدس المفتوحة في رام الله، طريقة للاحتجاج على مبنى الجامعة، الذي اعتبروه غر ملائم، الا بطريقة زادت من تشويهه..
انقر على الصور لمشاهدة ذلك
والقصة بدات قبل شهور عديدة، عندما أعلنت سلطة الآثار الإسرائيلية عن اكتشاف نفق يبدا من بلدة سلوان، التي تسمى إسرائيليا مدينة داود، هو عبارة عن شارع، قالت سلطة الآثار انه يؤدي إلى جبل المعبد، والمقصود الحرم القدسي الشريف، يتضمن قناة للصرف الصحي.
والنفق المكتشف هو عبارة عن شارع روماني، فيه الكثير من مميزات الشوارع الرومانية المكتشفة في بلاد الشام، وفي القدس نفسها، ومثلما يحدث في الأدبيات الأثرية الإسرائيلية فانه تم تسويق النفق والقناة على انهما يعودان لفترة الهيكل الثاني، والمقصود القرن الأول الميلادي، ولكن استخدام مصطلحات مثل عهد الهيكل الثاني، المقصود منها إحداث وقع لدى المتلقي، وتأكيد دلالات ليس لها علاقة بعلم التاريخ أو حقائق الآثار.
وتم اكتشاف هذا النفق، خلال عمليات حفريات تجري بلا هوادة، في القدس الشرقية، مخالفة للقوانين، التي تحظر إجراء الحفريات الأثرية في الأراضي المحتلة. ومؤخرا، أعلنت سلطة الآثار الإسرائيلية، بأنها اكتشفت عملة رومانية في النفق، وتم اختيار الإعلان مع الاحتفالات الإسرائيلية بعيد المساخر.
وبشكل يرتقي إلى ما يمكن تسميته فضيحة علمية، ربطت سلطة الآثار الإسرائيلية بين العملة المكتشفة وتقاليد تتعلق بهذا العيد، دون وجود أي رابط علمي أو منطقي بهما، والأمر يتعلق، بما قالت سلطة الآثار الإسرائيلية انه ضريبة نصف الشيقل، التي كان يتوجب على اليهود دفعها للهيكل، في عيد المساخر، وان العملة المكتشفة لا بد أنها سقطت في النفق من أحد اليهود، قبل ألفي عام، وهو في طريقه لدفع الضريبة.
ووصفت سلطة الآثار الإسرائيلية ما تم العثور عليه بأنه نقد معدني نادر، وقدمت هذا الكشف بشكل عاطفي وحماسي غريب، وابتدأت بيانها حوله بما يلي "في يوم الخميس الماضي, قبل قراءة درج إستير بمناسبة عيد المساخر (بوريم), تبرع جميع اليهود الصالحون بمبلغ من المال "تذكارًا لنصف الشيقل". وهذه العادة تعود إلى عمل خيري قديم وهو دفع ضريبة نصف الشيقل للهيكل. وقد تم استعمال هذا المبلغ لتنفيذ أعمال البناء والصيانة في الهيكل. أما في الوقت الحاضر فيستعمل هذا المبلغ لمساعدة المحتاجين".
واعلن البيان "..وفي حفريات أثرية جرت في قناة الصرف الرئيسية للقدس من عهد الهيكل الثاني, تم مؤخرًا اكتشاف نقد معدني نادر في مدينة داود الواقعة في السور المحيط بالحديقة الوطنية. وهذا النقد هو شيقل خاص بالطائفة اليهودية كان يستعمل لدفع ضريبة نصف الشيقل للفرد في عهد الهيكل الثاني".
والغريب في الأمر أن ما تم العثور عليه وكما تؤكد سلطة الآثار الإسرائيلية نفسها ليس شيقلا قديما (وهو عملية بابلية أصلا)، وإنما عملة رومانية تحمل رموزا فينيقية ويبلغ وزن هذه العملة، حسب بيان سلطة الآثار "13 غرامًا, ويحمل صورة رأس ملكارت الإله الرئيسي لمدينة صور (وهو مثل الإله السامي بعل) في الجهة الأمامية من النقد, أما في الجهة الخلفية فيظهر نسر على جؤجؤ سفينة. وقد تم ضرب هذا النقد عام 22م".
ويدير أعمال هذه الحفريات إيلي شوكرون من سلطة الآثار الإسرائيلية والبروفيسور روني رايخ من جامعة حيفا بناء على طلب سلطة الآثار الإسرائيلية, وسلطة المحميات الطبيعية والحدائق وصندوق "عير دافيد" (مدينة داود).
ويفترض عالم الآثار إيلي شوكرون كما جاء في البيان أن "مثل ما يحدث في أيامنا بالضبط, تسقط النقود المعدنية من جيوبنا أحيانًا وتتدحرج إلى فتحات نظام الصرف الموجودة في جوانب الشوارع. وهذا ما حدث قبل ألفي سنة. كان رجل يسير في طريقه إلى الهيكل, والشيقل, الذي كان ينوي دفعه كضريبة نصف الشيقل للفرد, وجد طريقه إلى داخل قناة الصرف".
وتقدم سلطة الآثار الإسرائيلية شرحا دينيا لضريبة نصف الشيقل، مشيرة إلى أنها تعود إلى "فصل التوراة الأسبوعي "كي تيسا" في سفر الخروج: "إذا أخذت كمية بني إسرائيل بحسب المعدودين منهم, يعطي كل واحد منهم فدية نفسه للربّ عندما تعدّهم... نصف الشيقل ... الغني لا يكثر, والفقير لا يقلّل ... وتأخذ فضّة الكفّارة من بني إسرائيل وتجعلها لخدمة خيمة الاجتماع. وتكون لبني إسرائيل تذكارًا أمام الربّ, للتكفير عن نفوسكم".
وتضيف السلطة "وفي عهد بناء الهيكل, كان يفرض على كل يهودي التبرع الإلزامي بمبلغ نصف الشيقل للصرح. لقد أتاح هذا المبلغ المتواضع فرصة المشاركة ببناء الهيكل لجميع اليهود, على أحوالهم الاقتصادية المختلفة. وبعد إكمال أعمال البناء, تمت مواصلة جمع نصف الشيقل من كل يهودي لغرض شراء الأضاحي العامة وتجديد الأثاث في الهيكل. وقد تم جمع نصف الشيقل كل سنة من بداية شهر آذار العبري وحتى اليوم الأول من شهر نيسان العبري, عند بداية "الميزانية الجديدة" للهيكل وإعادة شراء الأضاحي العامة".
ولإيجاد رابط بين الرموز الفينيقية على العملة المكتشفة وتأويل ذلك, لجعله يتعلق بتقاليد يهودية، لجأت سلطة الآثار الإسرائيلية إلى العهد القديم لتقول بان العملة المكتشفة تشبه إلى حد بعيد, ما وصفته "الشيقل من صور الذي كان يستعمله يسوع وبطرس لدفع ضريبة نصف الشيقل للفرد للهيكل: "إذهب إلى البحر وألقِ صنارة, والسمكة التي تطلع أولاً خذها, ومتى فتحت فاها تجد إستارًا, فخذه وأعطهم عني وعنك". (إنجيل متى 17, 27) علاوة على ذلك, من المحتمل أن النقود الفضية من صور كانت الدفعة السيئة السمعة ليهوذا الإسخريوطي عندما "جعلوا له ثلاثين من الفضّة". (إنجيل متى 26, 15)".
وجاء في بيان سلطة الآثار أيضا "تم دفع ضريبة نصف الشيقل للفرد السنوية بنقود الشيقل ونصف الشيقل من دار سك النقود في صور, وقد تم ضربها من عام 125 قبل الميلاد وحتى عام 66م سنة نشوب الثورة العظمى. وفي عهد الثورة, تم دفع الضريبة بشواقل قدسية, التي تم ضربها لهذه الغاية خصيصًا. وفي المراجع الربانية, يذكر في "التوسفتا" (كتوبوت 13, 20): "الفضة التي تم ذكرها في الأسفار الخمسة (التوراة), هي دائمًا فضة من صور. ما هي الفضة من صور؟ هي فضة قدسية". وقد فسر الكثير من المفسرين أن معنى ذلك أنه كان من الممكن استعمال شواقل من صور فقط لدفع ضريبة نصف الشيقل للفرد في الهيكل القدسي".
وتجنبت سلطة الآثار الإسرائيلية، التطرق إلى العلاقة بين رموز وثنية على عملة رومانية، التي قدمتها باعتبارها عملة الشيقل التي تم سكها في صور من اجل غايات دينية يهودية.
والعملة المكتشفة تحوي رمزين، مهمين جدا في الحضارة الفينيقية والكنعانية، وما زال لهما تأثير حتى الان في حركات فكرية وسياسية تؤمن بوحدة الوطن السوري مثل الحزب السوري القومي الاجتماعي، وهما ملكارت، والنسر السوري.
ويعتبر ملكارت اله القوة والصحة لدى الفينيقيين، الذي ينسب إليه بناء مدينة صور، التي ارتبط بها، واتخذ أسماء عدة في حضارات لاحقة كهرقل بالنسبة لليونان.
وارتبط اسمه باحتفالات ربيعية لدى الفينيقيين، والكنعانيين، وما زال مركز عبادته موجودا في بلدة عمريت السورية قرب اللاذقية، التي يسعى مهتمون من المجتمع المدني السوري لإنقاذها باعتبارها إحدى البلدات الفينيقية التي حافظت على طابعها حتى الان، واستحدثوا لذلك موقعا على الانترنت (http://www.amrit-syria.com).
ومعبد ملكارت في عمريت، محفورا في الصخر، ويحتوي على بركة يتوسطها هيكل ملكارت، واتخذ الحزب القومي السوري الاجتماعي بعض الرموز المتعلق بملكارت كشعارات له.
وفي صور نفسها، بذلت جهود للكشف عن معبد ملكارت فيها، المدمر تحت الأرض بفعل الزلازل، وقبل ثلاثة أعوام أعلن عن اكتشاف جزء من سور يربط قوس النصر بمعبد ملكارت. أما الوجه الآخر للعملة المكتشفة في القدس، فهو نقش للنسر السوري، الذي ارتبط بتاريخ بلاد الشام القديم، واستخدم رمزا وشعارا في حقب مختلفة.
http://www.elaph.com/ElaphWeb/Entertainment/2008/3/316892.htm
عبد الله الذي يبدو وكأنه أحد أفراد تلك الجحافل التي خرجت من جزيرة العرب لتهزم الروم في غفلة من الزمن، اصبح مقتنعا بان العرب لم يفهموا فلسطين ويؤمن بان فلسطين اكبر من العرب...
ولكن العامل الحاسم في النشاط الاستيطاني المحموم في بلدة القدس القديمة، كانت القوة العسكرية الإسرائيلية الغالبة، وفي مرات كثيرة حددت بنادق الجنود، واسنان الجرافات الإسرائيلية، أمرا واقعا، بخلاف موقف المجتمع الدولي، الذي ما زال يعتبر القدس جزءا من الأراضي الفلسطينية المحتلة، التي لا يجوز تغيير الأوضاع فيها.
وبعد أربعين عاما من نشاط محموم لم يهدا يوما واحدا، اتخذت إسرائيل خطوة جديدة، لحماية هذه الاستيطان، وبدأت كما ذكرت صحيفة هارتس، عملية تسجيل لما أسمته الأملاك اليهودية في القدس القديمة، في الشهر العقاري (الطابو)، وذلك في محاولة لتأكيد يهودية هذه الأملاك من الناحية القانونية.وأشارت الصحيفة، بان وزارة الإسكان الإسرائيلية قررت قبل خمس سنوات، البدء بعملية تسجيل الأملاك اليهودية في القدس القديمة، بشكل قانوني، رغم اعتراف شركة تطوير الحي اليهودي في القدس، وهي شركة حكومية، بأنها عملية معقدة وتنطوي على كثير من الصعوبات.
وقال نيسان ارازي مدير الشركة، أن بعض الصعوبة يعود إلى حقيقة أن الكثير من المباني والمساحات داخل الحي اليهودي كانت مسجلة بأسماء غير يهودية. وعملت إسرائيل، ضمن خطة مدروسة وبصمت، طوال خمس سنوات، لإعادة ترقيم جميع خرائط الحي اليهودي في البلدة القديمة، تمهيدا لعملية التسجيل. وحتى الآن، تم تسجيل اكثر من 120 مبنى من اصل 600 عقار يسيطر عليه اليهود في الحي اليهودي بالقدس القديمة، وهو أمر وصفع ارازي بالأهمية الكبيرة، وقال "تسجيل هذه العقارات والأصول اليهودية ذات مغزى تاريخي".
ومساحة الحي اليهودي الان وفقا للأرقام الإسرائيلية تصل إلى 133 دونما، وتشكل ما نسبته 15% من مساحة البلدة القديمة بكاملها. ورغم أن اليهود استوطنوا أيضا في أحياء البلدة الأخرى: الأرمني، والمسيحي، والإسلامي، إلا انه لم يتمكنوا من تغيير الطابع العربي للبلدة التي تبلغ مساحتها 870 دونما، منها 24% ملك لدائرة الأوقاف الإسلامية، آلت إليها عبر عملية تاريخية طويلة، بسبب الهبات التي تم بموجبها تخصيص أراض لأغراض دينية أو خيرية.
ولكن هذه الأملاك لم تسلم من التهديد الإسرائيلي، فكثير من المباني الوقفية كالمدارس والخانات والحمامات المملوكية والأيوبية يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي، ورغم تحويل بعض هذه الأملاك إلى كنس يهودية ومدارس دينية يهودية، إلا أنها ما زالت مسجلة باسم دائرة الأوقاف. ويملك السكان العرب، وفقا للإحصاءات الإسرائيلية الجديدة 28% من البلدة القديمة بما مساحته 170 دونما، في حين تضع دولة إسرائيل يدها على نحو 19%، بينما تملك المؤسسات المسيحية 20% من مساحة هذه البلدة الصغيرة التي تجمعت فيها أهم الأماكن الدينية التي تخص الأديان التوحيدية الثلاث.
ووفقا لما نشره الدكتور إسرائيل كيمتشي، من معهد القدس للدراسات الإسرائيلية، فان اليهود يتجهون إلى السيطرة على الحي الإسلامي، من خلال عملية شراء وسيطرة على أملاك المواطنين العرب في هذا الحي الذي يعتبر الأكبر داخل البلدة القديمة. ووفقا لكيمتشي، فان الاستيلاء على المزيد من الأبنية في الحي الإسلامي، تهدف إلى خلق التواصل بين البؤر اليهودية الاستيطانية، وتلك التي تسيطر عليها دولة إسرائيل، وصولا إلى باب الساهرة أحد أبواب بلدة القدس القديمة.
ووفقا لمعلومات خاصة بايلاف، فانه تحت الارض، تمكنت اسرائيل من وصل عدة انفاق كانت حفرتها سابقا، تصل بين الحي اليهودي والحي الاسلامي، دون ان تعلن ذلك. ومن المهم الإشارة أن أول من قسم بلدة القدس القديمة إلى أحياء: إسلامية، ومسيحية، ويهودية، وأرمنية، كان الانتداب البريطاني، لغايات سياسية، في حين أن جميع هذه الأحياء تضم داخلها خليطا من جميع الأديان، بل أن ما يوصف بأنه الحي الإسلامي يضم بعض من أهم الكنائس المسيحية، بالإضافة إلى جزء مهم من درب الآلام، وكذلك الأمر بالنسبة للأحياء الأخرى.
وورثت إسرائيل هذه التقسيمات لأحياء البلدة القديمة، في حين تتبناها الجهات الفلسطينية، كما يظهر ذلك من خلال الخطاب الفلسطيني الرسمي والشعبي والإعلامي، لأسباب يعتقد أن مردها الجهل. ومن غرائب الأمور، أن يشير الدكتور كيمتشي مثلا إلى ما يسميه "اختراق المسلمين للحي المسيحي"، وهو ما يعني أصلا بطلان نظرية الأحياء الطائفية في بلدة القدس القديمة. وفيما يطلق عليه الحي المسيحي، الذي يضم كنيسة القيامة، يوجد مسجد عمر بن الخطاب، وهو يعود إلى العهد الأيوبي، والخانقاة الصلاحية، التي كانت مقرا لصلاح الدين الأيوبي، وأيضا البيمرستان، أي المشفى الذي انشاه صلاح الدين.
أما الحي الأرمني فيضم أساسا دير مار يعقوب، وهو عبارة عن تجمع ضخم يضم متحفا ومكتبة ودور سكن، ويقع بجوار ميدان عمر بن الخطاب، وقلعة القدس، ومركز قيادة إبراهيم باشا، ابن محمد علي، المعروفة باسم (القشلة) والتي تحولت الان إلى سجن إسرائيلي.
ويجاور هذا الحي ما يطلق عليه الان الحي اليهودي، وهو عبارة عن تجمع استيطاني يهودي كبير، متصل بحي النبي داود، على جبل صهيون خارج الأسوار، والذي تسيطر عليه إسرائيل منذ عام 1948، ونفذت فيه عملية تطهير عرقي، كان ضحيتها عدة عائلات مقدسية عريقة مثل عائلة الدجاني.
ويعتبر الحي اليهودي هو الأحدث والأكثر تنظيما، بسبب العناية الخاصة، التي توليها سلطات الاحتلال الإسرائيلي له، ويقطن السكان العرب الذين كانوا يعيشون فيه حتى عام 1967، في مخيمات للاجئين قرب القدس.
ويصل هذا الحي حتى أسوار الحرم الشريف، واستولى المستوطنون على عدة مباني تاريخية إسلامية داخل هذا الحي من بينها مسجد قديم، إضافة إلى مقابر مملوكية وغيرها، وحولوا الاثار الرومانية المكتشفة الى متاجر يهودية.
ولكن ذلك لم يوقف معاناة المدينة وسكانها، وفي أحد أيام الأسبوع الماضي، وجدت عائلتان منزليهما، وقد فصلا عن باقي منازل حي بئر عونة في المدينة، بعد أن وضعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي سياجًا فاصلاً، وأغلقت الشارع في تلك المنطقة ببوابة حديدية، يعلوها تحذير ينص "خطر الموت- منطقة عسكرية... كل من يعبر أو يلمس الجدار يعرض نفسه للخطر".
واخبر جنود الاحتلال سكان العائلتين المحجوزتين خلف السياج والبوابة، انهما اصبحا في منطقة إسرائيلية كاملة السيادة، تابعة للقدس، ولا يحق لهما تجاوز السياج إلى منازل جيرانهم على الجانب الآخر منه، الذي يخضع أيضًا للسيادة الإسرائيلية العسكرية الكاملة، ولكن السكان لا يعتبرون ضمن حدود مدينة القدس بالمفهوم الإسرائيلي العسكري، ولكنهم كذلك بمفهوم سلطات إسرائيلية أخرى كالبلدية، التي تفرض عليهم ضرائب باهظة دون أن تقبل بهم مواطنين في مدينة القدس.
مشاعر أفراد العائلتين متضاربة، وتجمع بين الحزن والسخرية، على واقع شديد التعقيد، يعيشونه مع باقي السكان منذ أربعين عامًا على الأقل، فبعد الاحتلال تمت مصادرة الجبل المحاذي، المعروف باسم (صليب) وبنت عليه مستوطنة (هار جيلو) التي ما زالت تتمدد، واعتبرت أحد أحياء القدس الراقية.
وقبل بناء هذه المستوطنة كان الجبل يضم عدة مقالع للحجارة، لاستخراج أنواع مهمة من الرخام الأحمر، ومن هذه المنطقة اخرج البيزنطيون الحجارة لتشييد بعض أهم الكنائس مثل كنيسة المهد، وبقيت هذه المقالع تعمل، حتى احتلال اسرائيل لما تبقى من اراض فلسطينية، ومعها اراض عربية اخرى، قبل اربعين عامًا.
وفي فترة لاحقة، اخترق أحد اكبر الشوارع الاستيطانية الالتفافية، الذي يطلق عليه الإسرائيليون اسم (شارع ستين) أراض المنطقة، وامتاز هذا الشارع بالأنفاق التي حفرت في الجبال، والجسور الضخمة، وذلك لتامين انتقال آمن للمستوطنين اليهود في الضفة الغربية، وخصوصا في منطقتي القدس، والخليل.
ومنذ سنوات لا يعرف السكان ما هو التكييف الحياتي الذي تراه السلطات الإسرائيلية لوضعهم، التي كانت تشن بين الفترة والأخرى، هجمات عليهم، واعتقالهم بدعوى انهم يوجدون في منازلهم بدون تصاريح تخولهم ذلك، وفي فترات معينة، كان منظر الواحد فيهم وهو يدخل إلى منزله متسللاً لينام، مألوفًا، اما خلال انتفاضة الاقصى، فتحولت منازل المنطقة الى اهداف للقصف الاسرائيلي.
ولم يغير وجود السلطة الفلسطينية المحدود شيئًا من وضع السكان، الذين يعبر الكثير منهم عن رغبته في الحصول على بطاقة هوية من السلطات الإسرائيلية تخولهم على الأقل النوم في منازلهم من دون ملاحقة، في حين يتهمون السلطة بالعجز عن حل مشاكلهم.
وتتميز المنطقة بأشجار زيتون قديمة تدعى "الزيتون الروماني" نسبة إلى الرومان، ويزيد عمرها عن ألفي عام، والزيت المنتج منها مشهور، وهو الأغلى عالميًا، ومن اجل بناء الجدار، والطرق الالتفافية والمستوطنات تم اقتلاع المئات من أشجار الزيتون المعمرة. وأخذت المنطقة اسمها من بئر ماء قديم تاريخي يدعى (بئر عونة)، وهو يرتبط بتقاليد مسيحية محلية، تتعلق باستراحة السيدة العذراء في المكان، وارواء طفلها يسوع، وتظهر بجانب فوهة البئر، آثار أقدام، يعتبرها بعضهم آثار أقدام السيدة العذراء.
والسياج، الذي وضع حديثًا، يفصل بالإضافة إلى العائلتين، مساحة غير محددة من الأراضي الزراعية، التي لم يعد يتمكن أصحابها من الوصول إليها، لزراعتها والعناية بها. وقال أحد الفلاحين، وهو ينظر في جميع الاتجاهات "انظر، فإنك لن ترى غير الشوارع الاستيطانية، والاسيجة، والبوابات، والأبراج العسكرية". واضاف "اننا نعيش واقعًا لا يمكن وصفه، تأتي صباحًا لتذهب إلى أرضك، فتجد سياجًا وبوابة، وتحذيرًا بالموت، هكذا بقرار، نتحول من مالكي ارض، إلى اشباه اناس مرميين مهملين فقراء، بالقرب منها".
وعبر مزارع آخر عن أمله في أن يبقي الإسرائيليون أشجار الزيتون المعمرة، التي أصبحت خلف السياج كما هي وعدم اقتلاعها. وقال أبو حنا كما احب أن يقدم نفسه "قبل عامين، اقتلعت الجرافات الإسرائيلية أشجارًا يزيد عمر الواحدة منها عن ألفي عام، من اجل توسيع الشارع الاستيطاني، وتوسلنا لهم بأن يبقوها، حتى لو اخذوا الأرض".
وأضاف "ورغم انهم الان حرموننا من الوصول إلى أراضينا، نأمل لا يقتلعوا الأشجار المعمرة، من يقتلع شجرة عمرها ألفي عام إلا إذا كان مجنونًا؟، كل الاحتلالات التي مرت على فلسطين أبقت أشجار الزيتون المعمرة، إلا هؤلاء قتلة الأطفال والأشجار، الذين يتعاطف معهم العالم ولا اعرف السبب".
وبعكس ما كان يحدث في مرات سابقة، فان كثيرين من سكان الحي، طلبوا عدم الإشارة إلى أسمائهم، وبرروا ذلك بما أسموه "الوضع الحساس" الذي يعيشون فيه.
وقال أحدهم "بصراحة لا نريد أن نفقد اكثر مما فقدناه، ونحن نأمل أن تضمنا السلطات الإسرائيلية لمنطقة القدس، فعلى الأقل سنظل في منازلنا وأرضنا". وأضاف "لا نريد لا حماس ولا فتح، ولا العرب الذين يريدون أن يكسروا أرجلنا" في إشارة إلى تصريحات احمد أبو الغيط، وزير الخارجية المصري الذي هدد فيها بكسر رجل أي فلسطيني يتجاوز الشريط الحدودي الفاصل بين مصر وغزة.
وتشجع أحد الأطفال المحشورين خلف السياج وقال "بطرفة عين، اصبح منزلنا سجنًا"، مضيفًا وهو يحشر وجهه بين الأسلاك الشائكة "لا اعرف من أنا، وفي أي زمن أعيش، أو إلى أي مكان انتمي".