أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الخميس، 1 أغسطس 2024

من يطلب بيض الأنوق؟!


 


كان يوم 29/10/1491م، في القدس، حزينًا، أو أفترض أنَّه كان كذلك. انتشر خبر وفاة قاضي المدينة أبو عبد الله محمد بن علي الأصبحي. ليس كلّ الَّذين تولوا القضاء في المدينة، حظوا بحب ناسها، لكنَّ الأمر، كما يمكن التوقع كان مختلفًا بالنسبة للأصبحي الغرناطي الأصل المالقي. ليس فقط بسبب قصر المدة التي قضى خلالها بين النَّاس، الَّتي لا تورث كرهًا، ولكن بسبب غيرته الوطنيَّة، وحماسته لاسترداد وطنه الأندلسيِّ.

تولى القضاء في المدينة، التي كانت منفى للماليك المتمردين، في السابع عشر من شوال سنة 896ه (1491م)، ومات يوم الجمعة سابع عشر ذي الحجة من نفس السنة، بعد مرض أقعده أربعين يومًا.

صُلِّي على القاضي المشرَّد من وطنه، وبعيدًا عن غرناطة التي كان قاضيًا فيها، في المسجد الأقصى، ودفن في مقبرة ماميلا.

يظهر الأصبحي، في كتب التراجم، التي ازدهرت خلال الحقب المملوكية، وحتَّى بالنسبة لباحث معاصر، كعبد الرحمن بدوي، كواحدٍ من الشخصيَّات العلمية والسياسَّية البارزة. شهد أفول الأندلس، فوصل إلى القاهرة، ولديه حلم؛ تحفيز السلطان قايتباي، لانقاذ، ما يمكن انقاذه، من الأندلس المفقود. لكنَّه صدم، واكتئب. سبق للغرناطي، أن جاب البلاد وقابل أسيادها، ولكنَّهم لم يتحفزوا!

ذكر المقري، صاحب نفح الطيب، أنَّ الغرناطيِّ، المتأثر بالفكر الخلدوني، وله مصنف في السياسة السلطانيَّة، في مسعاه، كان: "كمن يطلب بيض الأنوق أو الأبيض العقوق"، فرحل مكتئبًا حزينًا، ذات يوم تشرينيِّ جاف، في القدس.

ما هو بيض الأنوق، والأبيض العقوق؟ مش مهم. شيء يشبه المثل الشعبيِّ عن الدبس والنمس!

*الصورة: قبر في ماميلا، قد يكون أسبق من الحقب الإسلاميَّة.

*مراجع: الضوء اللامع، والأنس الجليل، ونفح الطيب، ونيل الابتهاج بتطريز الديباج، وغيرها..وغيرها!

اعتدى الحاج أمين الحسيني على مقبرة ماميلا، ببنائه فندق الأوقاف، ومسح آخر احتلال، قبورًا، ليبني متحفا للتسامح، شعاره: " منارة دولية للكرامة الانسانية"!

#ملاعين_القدس

#نفح_الطيب

#مقبرة_ماميلا

#أسامة_العيسة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق