لا يستطيع
بنيامين نتنياهو، رئيس حكومة الاحتلال، الهروب من دماء المدنيين الذين قتلوا في
العدوان على غزة، حتى لو أراد ذلك، أو أخذ اجازة بين نوبات القتل الدامي، فمنزله
الشخصي، يقع في منتصف شارع غزة، شارع في حي رحافيا في القدس الغربية، أما مقره
الرسمي فيقع أيضا أعلى الشارع. وجميع مراسلاته الشخصية والحكومية تحمل اسم غزة.
سُمي شارع غزة،
الذي يثير انطباعات ومفارقات، سكانه وزائريه، مع كل عدوان جديد على غزة، بهذا
الاسم، لأنه يقع على الدرب القديمة من مدينة القدس إلى الساحل الفلسطيني الجنوبي،
ومدنه المهمة مثل عسقلان وغزة.
معظم سكان
الشارع، من اليهود الألمان واساتذة الجامعات ورجال الأعمال والسياسيين، الذين
حافظوا على نمط الحياة الأوروبية الألمانية، ويعتبر معقلا ثقافيا لليهود
العلمانيين في القدس، ففي هذا الشارع، مثلا، يمكن ان يتناول من يرغب منهم، وجبات
من لحم الخنزير.
ومنذ تأسيس حي
رحافيا، في عشرينات القرن العشرين، على أراض اشتريت من بطريركية الروم الأرثوذكس.
ظل شارع غزة، الشارع الرئيس للحي، وللشارع أهمية تجارية وثقافية واجتماعية. تنتشر
على جانبيه، مقاهي الأرصفة، والمكتبات، والمطاعم، والمحال التجارية المختلفة
يرتاده الصحافيون، والأكاديميون، وطلبة الجامعات، والمثقفون، الذين يفضلون مقاهي
الارصفة في شارع غزة، للقاء وتبادل الأحاديث العامة والخاصة، ويمكن رؤية بعض
الرموز العلمانية مرسومة على جدران في الشارع مثل شعار المنجل والشاكوش.
تأسس حي
رحافيا، للمستوطنين اليهود الألمان، ومنذ ان سكنه هؤلاء، يبدو ان اسم غزة، كان
يثير حساسيات معينة، فاطلقوا عليه، اسما غير رسمي مستمد من موطنهم الأصلي مثل
(غزة-شتراسة). وأحد المفارق سمي (غزة-برلين).
أما بالنسبة
للإسرائيليين في الوقت الحالي، فان الاسم يقض مضاجع الكثير منهم، مثل ديفيد الحضري
أحد الزعماء المحليين ليهود القدس، من الحزب الوطني الديني، الذي شغل عضوية المجلس
البلدي أكثر من مرة، وطرح في عام 2003، مشروعا لتغيير اسم الشارع لأنه برايه:
"يعيد إلى الأذهان الإرهاب والعنف"، ولأنه يعتبر غزة: "مدينة
الارهاب" وقال: "نحن لا نريد غزة في القدس".
وأمام ضغوط من
بعض المؤرخين، الذين حذروا من أن تغيير الاسم، يهدد الطابع التاريخي للقدس، سحب
الحضري مشروعه مرغما، ولكنه عاد في نهاية عام 2004، عندما طرح شارون خطته للانسحاب
الاحادي من غزة، ليصرخ: "سننسحب من غزة، ولكنها ستبقى هنا في القدس" في
اشارة إلى اسم الشارع الذي يثير حفيظته.
خلال انتفاضة
الأقصى، نفذت الفصائل الفلسطينية في شارع غزة، عمليتين تفجيريتين، في آذار 2002م نفذ
الشهيد فؤاد الحوراني، عملية أدت لمقتل 11 شخصا، قريبا من منزل نتنياهو، وفي شهر
كانون الثاني 2004، فجر علي جعارة من مخيم عايدة في بيت لحم، نفسه في حافلة ركاب أدت
إلى مقتل 11 اسرائيليا.
خلال فترة
الانتداب البريطاني، كان في الشارع قاعدة للجيش البريطاني وإسطبلاته العسكرية، ومكانا
لتربية الكلاب العسكرية.
صمم حي رحافيا
المهندس المعماري اليهودي الألماني، ريتشارد كوفمان. فاصبح وما زال واحدا من أكثر
الأحياء الفاخرة في مدينة القدس. ولإضفاء طايع ثقافي على الحي، تم تسمية معظم شوارع
رحافيا، بأسماء علماء وشعراء من العصر الذهبي للثقافة اليهودية في اسبانيا.
ووجدت في حي
رحافيا، معظم المؤسسات الصهيونية، مثل الوكالة اليهودية، والمنظمة الصهيونية
العالمية، والصندوق القومي اليهودي وغيرها.
سكن في شارع
غزة عام 1936م الامبراطور الاثيوبي هيلا
سيلاسي، المنفي من بلاده، وعاش في رحافيا، العديد من زعماء العصابات الصهيونية،
ودولة الاحتلال لاحقا، مثل: ديفيد بن
غوريون، والزعيم الصهيوني آرثر روبين، وغولدا مائير، ونتنياهو، الذي تطارده غزة
حتى عقر منزله.