أثار عالم آثار إسرائيلي، مسالة بناء المسجد الأقصى على كنيسة بيزنطية، بعد أن استل من أرشيف دائرة الآثار البريطانية الانتدابية صورة لأرضية فسيفسائية بيزنطية، وغيرها تثبت وجود مطهرة، مثل تلك التي عثر على عشرات مثلها في فلسطين.
الرواية الإسلامية الكلاسيكية، التي لا أحد يريد أن يعود إليها، حول بناء المسجد الأقصى، على يد الفاتح العربي الكبير عمر بن الخطاب، فيها كثير من السذاجة في جانب منها، ويتردد فيها صدى لرواية بناء الملكة هيلانة (القديسة فيما بعد) لكنيسة القيامة، وجانبها الآخر، الذي يتم تجاهله عن عمد، لم تعد مقبولة فلسطينيا وعربيا وإسلاميا، لأسباب وطنية إن جاز التعبير تتعلق بالصراع مع الإسرائيليين، ولأنها تتحدث باختصار عن استعانة ابن الخطاب بمسلم من أصول يهودية، هو كعب الأحبار (لم يحسن اسلامه فيما يبدو)، لتحديد مكان الهيكل اليهودي، ليتم بناء المسجد الأقصى مكانه.
وفي الواقع، أن الدراسات الفلسطينية والعربية حول الحرم القدسي الشريف، وهي تسمية استخدمها للإشارة لكل ما يضمه المسجد الأقصى، فقيرة إلى حد كبير، ومتحيزة بشكل مخل، وبدون داع، ومثقلة بكل ما يناقض المنهج العلمي، وأيضا ما يمكن أن اسميه أس الإيمان الإسلامي، المتصالح إلى حد بعيد مع الديانتين اليهودية والمسيحية.
ليس هناك شك، بان الحرم القدسي، بني على أنقاض هيكل هيرودس (الهيكل الثاني في الاشارات اليهودية والاسلامية المبكرة)، وإذا كانت كلمة هيكل مزعجة، فيمكن استبدالها، بمصطلح دار الحكومة الدينية، والآثار في الموقع، تتحدث عن ذلك بشكل لا مواربة فيه، أما وجود بقايا بيزنطية، فهي مسالة قد تبدو محيرة من ناحية منطقية، خصوصا وان مسيحي القدس، أهملوا المعبد الذي هدمه الرومان، احتراما لما اعتقدوا انه أحد نبؤات المسيح، وقادوا ابن الخطاب إلى المكان الذي حول إلى مزبلة (ربما مغالاة في تجسيد لنبؤة المسيح)، وفقا للرواية الكلاسيكية.
ولكن..؟، هناك في الواقع اكثر من لكن، برسم تلك البقايا البيزنطية، في ثنايا الحرم القدسي، مثل الأقواس البيزنطية، في المسجد المرواني مثلا، والتي تعلو بقايا هيرودية مثيرة.
ما يمكن تسميتها بالبقايا البيزنطية، تشمل أيضا الفسيفساء الإسلامية، والتي تشبه الفسيفساء في مواقع مسيحية أخرى في القدس وبيت لحم، وفلسطين.
هل هناك حلقة بيزنطية مفقودة في تاريخ الموقع المقدس؟ أم أن جزء كبير منها على الأقل هو نتيجة تأثر الفن الإسلامي المبكر بمثيله البيزنطي، والاستعادة بمهندسين وفنيين بيزنطيين، في تشييد بعض من أهم المساجد الإسلامية، ليس في القدس فقط، والمسجد الأموي في دمشق، أحد الأدلة.
إلى أي مدى يمكن أن نناقش قضايانا وتاريخنا وتراثنا وآثارنا؟
سؤال..؟؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق