أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الأربعاء، 20 نوفمبر 2024

حربي النُوري!


 


تفقَّر قاموس أمي التشبيهي، بعد النكبة، منذ توقفها قسريًا، عن أن تظل فلَّاحة، باستثناء تشبيهات، أصبحت، إذا أخذنا بمعايير شيخنا الجرجاني، مبتذلة. أشهرها الوصف الَّذي تحاول، إضفاء جرعات دراماتيكية عليه ليشعر الولد النحيل، بعقدة ذنب:

-عصبانك، مثل عصبان أبو سعد!

كانت ترى ذلك الطير الحزين، في سهوبنا الممتدة، في أيَّام الخير، يلقِّط رزقه، مما يخلفه الفلَّاحون، ومناجل الفلَّاحات، أيَّام الحصاد. سهل قريتنا واسع وممتد، يغذيه نبع الماء المسمى البئر السفلاني، أمضيت فترة العام الماضي في اكتشافه، يستغل المحتلون الآن سهل قريتنا، بجلب عمالة أسيوية لزراعته.

 كانت الواحدة منهن، تحصد، في أيام المخاض. روت لنا الأمهات، حكايات البطولة في ولادة الحاصدة، وهي في السهوب، تدفع للدنيا، مخلوقًا جديدًا، وهي تقطع الحبل الذي يربط الجنين بعالم ما ورائي، وقد تعود للحصيدة من جديد!

استعانت اللاجئات، بتشبيهات ما بعد النكبة، من التشبيهات الأثيرة في مخيمنا، أن تقول الأم لأبنها المشرتح:

-شكلك مثل حربي النُوري!

أكاد أسمع الآن تشبيهات نوريات مخيمنا، يؤنبن أولادهن:

*صرتم مثل أولاد اللاجئين، لا مظهر، ولا محضر!

لا أعرف ما هو مصير حربي النُوري، الذي قطن، قبالة المخيم، يفصله عنه شارع القدس-الخليل. عمل في سَن السكاكين، والحدادة. جزء من النور، الذين يسمون في مصر: غجر،  وفي سوريا: قرباط. عملوا حدَّادين. في عام 1806م بدأ الرحالة سيتزن بدراسة لغة نَوَر فلسطين، ونشر نتائجه عام  1854م. بدأ من نَوَر نابلس الذين يعملون حدَّادين، وواصل إلى القدس. نجح سيتزن في إعداد معجم نَوَري شمل أجزاء الجسد، والطعام، والمناظر الطبيعيَّة، والحيوانات، والنباتات، والفواكه، ومصطلحات الزمن، والمواد الخام، والإنسان والأعداد. لاحظ سيتزن تأثر لغة نور فلسطين باللغة العربيَّة، وقرب قواعدها من اللعة السنسكريتية. في بداية الألفية الجديدة، حلَّل ماتراس لغة غجر القدس، ساعد ذلك، وفق الكساندرا بارس صاحبة كتاب: الغجر في مصر المعاصرة (المركز القومي للترجمة 2023م)، في جعل غجر القدس موضوعا ملموسًا للدراسة. لكن بالنسبة لناسنا، فأصغوا إلى ما يمكن أن ينتجه نور بلادنا من معرفة.

 لم يكن التعريض، بالنَّوَر، من قبل اللاجئات، يُظهر دائمًا تعاليًا، حتَّى لو كان هشًا. أذكر عندما كانت تسمع الموسيقي جميل العاص، من الإذاعة الأردنيَّة، تهمس مبتسمة:

-هذا من نَوَر وادي الجوز، صار النَّوَر وتصوَّروا!

أستمعت، على اليوتيوب، لشهادة الكاتب الراحل رسميِّ أبو علي، عن نكبة قريته المالحة، قائلًا، إن جميل العاص من نَوَر قريتهم. يعزى لعمر الصالح البرغوثي اكتشاف العاص الَّذي عمل في مكتبه، لكنَّني لم أجد في مذكراته الضخمة التي صدرت بعنوان المراحل، ومُنعت في عمَّان، إشارة لذلك.

اشتهر العاص، ببزقه، وتجنده، في تشكيل الجانب الموسيقي في الهوية الأردنيَّة. يقول في لقاء مع المذيع حكمت وهبي عام 1985م، إن النَّوَر هم من أدخلوا البزق إلى بلاد الشام، وهم يتنقلون مرتحلين في بادية الشام. أشهر ألحان العاص، أغنية يا طير يا طاير، التي اشتهرت عربيًا، عندما أدَّاها محمد منير، ولكنَّها مبتسرة، أقل ثراءً من اللحن الغجريِّ للعاص.

لا تبدو الأغنية، أنها تمد نسبًا للفلكلور الفلسطينيَّ أو الأردنيِّ، كأغنية يما مويل الهوا، التي أدَّاها منير أيضًا، ولم أجد لها أصلًا فيما جمعه روَّاد الفلكلور الفلسطينيِّ خلال فترة الانتداب. يؤدي العاص الأغنية الشجية، وهو يتراقص، ملوحًا ببزقه، كأنّه راقص فلامنكو وحوله فتيات يرقصن مطوحات شعورهن الطويلة، فاردًا يديه، كأنَّه يحاول أمساك صدى الغجر الأسبان، وحزن لوركا، عندما لم يعد يرى الغجر يصعدون التلال!

#قرية_زكريا

#مخيم_الدهيشة

#جميل_العاص

#أسامة_العيسة

الثلاثاء، 19 نوفمبر 2024

الجنون كإستجابة/ سمير كتانة


 


رواية توثيقيَّة يختلط فيها الواقع بالخيال، تروي قصّة مجموعة من المرضى في مستشفًى للأمراض النفسيّة في "يت لحم، حيث تتداخل تجاربهم الشّخصيّة مع ما يحدث في المدينة. ومن خلال هذه الشّخصيات، يقدّم الكاتب صورة عن المجتمع الفلسطينيّ، حيث يمثّل كل مريض جانبًا من المعاناة والأمل. يظهر المؤلف أنّ الجنون قد يكون استجابة طبيعيّة للواقع القاسي الّذي يعايشه الإنسان.

تقع الرّواية في 254 صفحة من القطع الصّغير، صدرت عن دار نوفل عام 2015..


الاثنين، 18 نوفمبر 2024

ليست فلسطينيّة!


 


لدى وزير الثقافة الفلسطيني، ما يدعو للاحتفال والفخر، بنجاح وزارته تسجيل ما وصفها الكوفية الفلسطينيَّة، على قائمة التراث غير المادي لمنظمة العالم الإسلاميِّ للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو).

هذه ليست الحطَّة الفلسطينيَّة. ما أعلن عنه هو رمز كولنيالي، مثل العملات والطوابع الانتدابية، التي يفخر بها كثير من الفلسطينيِّين، رغم أنَّها تحمل الأسم الرسمي لبلادنا في ظل الانتداب وهو: فلسطين/ أرض إسرائيل. وهذه الأخيرة كتبت بالحرفين العبريين: ايرتز إسرائيل.

الحطَّة الفلسطينية هي غطاء الرأس الرجالي الأبيض. أمَّا الكوفية السوداء المرقطة وشقيقتها الحمراء، فهي نتاج الفصل الكونيالي، للتفريق بين المجندين في جيش الانتداب وشرطته بين المواطينن في فلسطين الغربية وفلسطين الشرقية (شرق الأردن) ونُسجت في مصانع مانشستر البريطانيَّة.

أعلم الرمزيات التي اتخذتها الكوفية المرقطة، بعد تبني ياسر عرفات لها، وأصبحت رمزًا لحركة فتح، بينما ارتكب اليساريون حماقة، فتبنوا نفس الحطة ولكن الحمراء، وقبل سنوات، ارتدى مؤيدون لحماس الكوفية الخضراء، ولكن يبدو أنَّهم لم يستمروا في الحماقة. حصلت تطور ثوري على الكوفية، عندما اخترع مصمم إسرائيلي كوفية بالألوان المتعددة، وتمكَّن من اختراق أسواق عربيَّة، بما فيها السوق الفلسطينيَّة.

كيف تقبل إيسيسكو، هذا الهبل؟ لست معنيًا بأي مؤسسة ثقافية سلطوية، وإنما بالدفاع عن تراثنا المادي.

#الحطَّة_الفلسطينيَّة

#أسامة_العيسة

السبت، 16 نوفمبر 2024

رقصة السمندل!




 


بدت الحاجة معزوزة الكواملة، يوم 24 تموز الماضي، بشوشة ضاحكة، زاد من ارتفاع معنوياتها، احتفاءها بالإفراج عن حفيدها من سجون الاحتلال. بقي حفيد آخر خلف القضبان. تبدو التسيعينيَّة التي تعيش في منزلها المؤقت في مخيم العروب على شارع القدس-الخليل، وكأنَّها لم تغادر قريتها زكريا في الهضاب الوسطى، التي غادرتها فعلًا عام النكبة ولم تبلغ العشرين عامًا. حدَّثتني عن كثيرات ومن بينهن عمتي عائشة: "رأيتها ترقص في عرس أبو دحيلة".

-من أبو دحيلة هذا؟

*من عائلة العيسة، تزوَّج فهيمة ابنة رضوان أبو جودة. أقيم العرس في مكان واسع. أتذكَّر رقصة عائشة فرحة، بفرح العروسين. الجميع نكبوا وغادروا البلد.

عمتي عائشة، كانت مصدري الإثنوغرافي المهم عن قريتنا، استفدت منها في قصصٍ أولى. هي أيضًا من نبهتني إلى مقام السايحة في قريتنا، تلك القديسة بوجوهها الكثيرة. بعد أكثر من أربعين عامًا من النكبة، ستصبح السايحة، بالنسبة لعمتي عائشة هي فاطمة ابنة الرسول العربيِّ، وفيما يلي ما اقتبسته عنها في مجموعتي القصصيَّة إنثيالات الحنين والأسى: "مقام فاطمة ابنة الرسول له السلام وله البركات.. تقصدها نساء البلد ويسمينها السائحة.. تنذر الواحدة منهن وتشعل سراج الزيت الفخاري في المغارة المعتمة شرق البلد.. الشجر أمامها يصدم الوجوه. لم يكن زحيفاً ولا مرمية.. إنما عذقا يفرش ويجلل السائحة في أرض الله الواسعة حزنا على أشرف الخلق".

لا يرغب الأحفاد، عادة، في معرفة ما يجب معرفته خلف الصور العطرة لسِير الجدات الشريفات، ولكن بالنسبة لجدتي السايحة (السائحة)، سيختلف الأمر ونحن إزاء نموذج محلي لـ "ليليث" في ميثولوجيا الشرق القديم. إنَّها فاطمة البري، قاهرة الأقطاب، أمّا حفيداتها أمثال عمتي، فسحن في الأرض منكوبات، ورحلن عن دنيانا وهن يحاولن لملمة ما تبقى من عالمهن، الذي اندثر بسرعة.

رقصة عمتي في عرس المكرَّم أبو دحيلة، ضاعت في ذاكرة العمة وحلَّ محلها رقصات أخرى في حلقات النواح الكربلائيَّة والأدونيسيَّة على شبَّان العائلة الَّذين قضوا قبل الأوان، كإبنها البكر، الذي رحل في السويد، وقبلها كان مطلوبًا سياسيًا، أو العاشق الذي أحرق نفسه عربونًا لحبه، أو المعلِّم الذي قضى شهيد التعليم بأوبئة الجزيرة العربية. وبينهم حلقات الرقص الطقوسي، حزنًا على عبد النَّاصر، عندما تجمعت نساء المخيم، في ساحة قبالته، ليقدِّمن ماء العيون، لفقيد القوميَّة. ثلاثة أيَّام أو سبعة، رقم مفرد قدسية الشرق القديم المستمر.

عندما روت لي الحاجة معزوزة، رقصة عمتي في قريتها التي ماتت بعيدة عنها، تخيلت السمندل راقصًا، الذي اختلف العرب في صنفه، بالنسبة للجاحظ، فإنَّه "يسقط في النَّار فلا يحترق ريشه"، أمَّا بالنسبة للعمري وآخرين، فهو طائر يعشش في جبل النَّار، يدخل النَّار ولا يحترق، ثم يخرج وقد ذهب وسخه، وزاد بريق لونه وصفاؤه. السمندل تصقله النيران.

#قرية_زكريا

#مخيم_العروب

#أطلس_الخالات

#أسامة_العيسة

الجمعة، 15 نوفمبر 2024

عن عالم القدس التحتي/ نجاح عوض الله


برنامج أجنحة، والجزء الثاني من اللقاء مع الروائي أسامة العيسة، حيث يستكمل الحديث حول روايته المسكوبية، وأساليب التعذيب وتطويرها في المعتقلات، المؤدي للقتل. عن الأسرى الجنائيين والعالم التحتي في مدينة القدس، عن جرائم الاحتلال في حرب 67 في مدينة القدس، عن الإثنيات والطوائف في مدينة القدس. ثم يأخذنا إلى روايته قط بئر السبع التي تتحدَّث عن سجن بئر السبع في السبعينيَّات، عن تسلل قطة للسجن، لتعيش فيه مع السجناء المحكومين بأحكامٍ عالية، لينتهي بها الأمر بين فكي كلاب مدير السجن!

إخراج: نجاح عوض الله

تصوير: يوسف درباس

مونتاج: عبد الله غباش

رابط الحلقة:

https://www.youtube.com/watch?v=NjwHjmQrPd0

#نجاح_عوض_الله

#رواية_المسكوبية

#قط_بئر_السبع

#تلفزيون_فلسطين

#أسامة_العيسة

الأربعاء، 13 نوفمبر 2024

سماء القدس في الجزائر!


 


اليوم السادس من المعرض مع رواية سماء القدس السابعة!.

الصالون الدولي للكتاب/منشورات المتوسط

القاعة الرئيسية (السنترال) جناح B 30

#سماء_القدس_السابعة

#الصالون_الدولي_للكتاب_بالجزائر

#منشورات_المتوسط

#أسامة_العيسة

السبت، 9 نوفمبر 2024

عن المسكوبية/ صالح أبو لبن


 


كثير من الكتابات عن تجربة الأسر لم ترقى إلى ما يجب إبداعيًا وأدبيًا. استطاع أسامة العيسة أن يقدِّم للقراء عملًا مميزًا في روايته المسكوبية وكتابات أخرى. مطلوب من الكتَّاب الارتقاء إلى العالمية، وهو أمر ليس سهلًا. علينا العمل عليه.

برنامج أجنحة من إخراج نجاح عوض الله.

لمشاهدة الحلقة:

https://www.youtube.com/watch?v=-oIWgQePndA

#صالح_أبو_لبن

#نجاح_عوض_الله

#رواية_المسكوبية

#أسامة_العيسة

الجمعة، 8 نوفمبر 2024

عن مسلخ المسكوبية/نجاح عوض الله


 


برنامج أجنحة مع الروائي أسامة العيسة حول روايته المسكوبية التي لا تتناول المسكوبية كسجن "مسلخ" فحسب، بل لتاريخ المسكوبية في القدس كمباني تعود ملكيتها للإمبراطورية الروسية في القرن التاسع عشر، لتصبح مراكز اعتقال وتوقيف وإعدامات بحق الوطنيين نساءً ورجالاً من مختلف طبقات وشرائح المجتمع في الثلاثينيات بعد احتلال الإنجليز لفلسطين. شهادات عن تدمير إسرائيل في حرب 1967 لحارة المغاربة ببيوتها السكنية الملاصقة للمسجد الأقصى وتسوتها بالأرضـ تم ردمها فوق ساكنيهاـ  ومسجدين، أحدهم مسجد البراق. تفاصيل كثيرة يأخذنا لها العيسة في الجزء الأول من اللقاء.

رابط برنامج أجنحة/ الجزء الأوَّل من إخراج نجاح عوض الله:

https://www.youtube.com/watch?v=8pvdqzSOD_I

#نجاح_عوض_الله

#رواية_المسكوبية

#تلفزيون_فلسطين

#أسامة_العيسة

برنامج"أجنحة" الروائي أسامة العيسة ــ رواية "المسكوبية" الجزء الأول