أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

السبت، 25 مارس 2023

الزمخشري والنَّاس!


تُعرِّف كتب التراجم، وما أكثرها، على تفاوت أهميتها، ومصداقيتها، الزمخشري: الإمام الأوحد. مع ذلك لم يشفع له ذلك في تحوير ما كتبه، والتجرؤ على قصده.

فخر الزمخشري بمذهبه المعتزلي، وكان يقدِّم نفسه: أبو القاسم المعتزلي. يعد درة تصانيفه: الكشَّاف، تفسيرًا معتزليًا للقرآن الكريم، وهو واحد من تفاسير القرآن ذات الأهمية الخاصة، فهو كتاب في التفسير، واللغة، والتحليل الأدبي، واستخدام علم الكلام في الجدال، والربط، والتأويل.

يبدو عنوان الكشَّاف التفسيري، مميزًا: عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، ولكنه، ليس تفسير الكتاب الوحيد، الذي قدم نفسه تأويلًا لكلام الله، الأزلي، كما انتصر الرأي السائد لدى المسلمين الآن، أو المخلوق كما آمن الزمخشري.

تذكر الكتب التي ترجمت لحياة الزمخشري، أنَّه افتتح الكشَّاف بعبارة: الحمد لله الذي خلق القرآن، وهو إعلان صريح لمذهب المعتزلة العقلاني، فقيل له: متى تركته كذا هجره الناس، مع أنَّه في خطبة الكشَّاف، يشير إلى انه وضعه بسبب إلحاح النَّاس.

قدَّم الزمخشري تنازلًا صغيرًا من أجل النّاس، فغيَّر فاتحة خُطبة الكتاب إلى: الحمد لله الذي جعل القرآن. هذه المرَّة تنبه سدنة الشريعة وحرَّاس العقيدة، واعتبروا كلمة جعل بمعنى خلق. وعليهم، بوصفهم أوصياء على عقول النَّاس، حماية النَّاس.

ما وصلنا ما استقر عليه: الحمد لله الذي أنزل القرآن، وهو تدخل السدنة، على غير رغبة المؤلف، الذي غادرنا يوم 12 تموز 1143م.

طبعة الكشَّاف التي بين يدي، صدرت في بيروت عام 2012م، وفاتحة الخطبة، كما استقر على وضعها سدنة العقيدة.

حتَّى يوم النّاس هذا، لا يجرؤ محقِّق أو ناشر، على إعادة الاعتبار لما أراده الزمخشري.

في الترجمة التي وضعها الزمخشري لنفسه، يظهر تواضعه، وحس الفكاهة، وفهمه لأسلوب كتابة السيرة، وذكائه الطاغي، ولو عاد إلينا، ليزيد على ترجمته، معلقًا على تزييف فاتحة خُطبة الكشَّف، لسأل ساخرًا عن من هم النَّاس فعلًا، الذين حثوه لوضع كتابه، والذين نُبه أنَّه يحرجهم بذكر كلمة خلق، إلى تزييف ما أراده من أجل النَّاس.

#الزمخشري

#الكشَّاف

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق