لم يغتصب المستوطنون
اليهود فقط أرضنا، واستحوذوا على رموزنا كالحطة، وأكلاتنا كالحمص والمفتول، وينافسونا
على أفضل طبق مفتول في مسابقة ايطالية تعقد سنويا، ولكن تبين بأنهم أيضًا يحبون
رمزًا كنا نعتقد انه مِلك لنا وحدنا، ولن يتمكنوا من اغتصابه لأسباب كثيرة، وأتحدث
هنا عن المفتاح.
لطالما رأيت شبانًا
ومسنين في مظاهرات العودة يحملون المفاتيح، وفي منزلي أُعلق على الجدار بابا مع
سكرة ومفاتيح، كامعان في تأكيد هويتي كلاجيء، ومرة سمعت خطابا لمسؤول مبتذل عن
رمزية المفاتيح، وعد جمهوره بأنه سيسير مع عرفات من الخليل إلى بيت لحم حاملين
المفاتيح، عندما تبسط السلطة بسطها على الخليل، وعندما بسطوا اتفاق الخليل، لم يكن
هناك أي انبساط، او طرق يسير عليها الناس او الزعماء، الا طرق الموت. حملني الخطاب
قرفا طال سنوات.
لدى جيراننا في مجمع
غوش عتصيون الاستيطاني الآن، ما يمكن أن نسميه هيصة فيسبوكية على الأقل، فأحد
المشاركين في الجولات التعريفية في المجمع المقام على أراضينا المحتلة عامي 1948
و1967م، عثر على مفتاح قديم، وهو ما اعتبر حدثًا جللاً، وطرح سؤالاً بين مهتمينهم إلى
أي مسكن يهودي دمره العرب في حرب 1948م، يعود المفتاح.
وأخيرًا أصبح لديهم
مفتاح يثير نقاشًا حوله، ولم يؤثر في نقاشهم الديمقراطي الفرح أن أحدهم نشر صورة
عجوز فلسطينية بثوبها التقليدي تعلق مفتاحًا على صدرها قائلاً لهم: هذا هو نموذج
المفتاح الأصلي، ولسان حاله يقول لهم: اصمتوا..!
ولكنهم لم يصمتوا، فأخيرًا
أصبح لديهم أيضا مفتاح، ولا يهم ذلك إذا كان احد مفاتيحنا الضائعة..!
ومفاتيح أخرى نحن أضعناها..!
نفذ المحتلون تطهيرًا
عرقيًا مسكوتا عنه في المنطقة، بعد حزيران 1967، ومن هذا المجمع أطلق غير المغفور
له حنان بورات الهجمة الاستيطانية التي لم تنته حتى الآن في الضفة الغربية، وقبل
سنوات سول مسؤول فلسطيني جهبذ لنفسه التصريح بان الفلسطينيين لا يمانعون في حال تم
تبادل أراضي، أن تكون مستوطنات عتصيون خارج أراضي الدولة التي لن تأتي أبدًا،
وأظنه الآن تدحدل إلى جماعة الأخ دحلان.
المستوطنون فرحون
بمفتاحهم، ولا أستبعد أن يحملوه في المسيرة التي ينظمونها سنويا بمناسبة هزيمتهم
عام 1948م، تماما كما نفعل نحن في مسيرات العودة..!
فلسطين تفرض رموزها
على المحتلين كما حدث دائمًا..!