لم يثر انبثاق النور
المقدس من قبر المسيح في القدس، يوم سبت النور، إلا الاستهزاء والاستحقار، من قبل
الكُتّاب والرحالة المسيحيين الغربيين، الذين جاؤوا إلى القدس للحج، خلال القرنين
الثامن والتاسع عشر، ومنهم من غلاة المتدينين. واعتبروا الاحتفالات الصاخبة التي
تشهدها كنيسة القيامة، دلالة على تخلف الشرقيين.
التعالي وعدم الفهم
الغربي له دلالة مهمة، فعيد الفصح هو عيد الشرق، عيد الربيع، قيامة أدونيس (السيّد)،
ثم قيامة المسيح (السيّد) تحتفل به فلسطين، وإن بأشكال مختلفة منذ آلاف الأعوام.
وهو مناسبة، ليقول
فيها سكان البلاد، أراء في أحوال البلاد. في فلسطين المعاصرة، نجد التأثيرات السياسية
على سبت النور. مثلا في نيسان 1920، وبعد الاضطرابات آنذاك خلال موسم النبي موسى، هتف
الفلاحون وانضم إليهم المتعلمون من الشباب: "صهيوني خذ ربعك وسير/هذه البلاد
بلادنا".
وبعد أيّام، في سبت
النور، هتف المسيحيّون في كنيسة القيامة: "يا مار جِرّيس على القبر صلينا، إحنا
العرب والسيوف في إيدينا"، بدلاً من "إحنا النصارى والشموع في إيدينا".
كانت أعيادنا دينية، وأصبحت
قومية-هكذا يلاحظ خليل السكاكيني (يوميات خليل السكاكيني، الكتاب الثالث: اختبار
الانتداب وأسئلة الهوية، تحرير: أكرم مسلم، مركز خليل السكاكيني الثقافي ومؤسسة
الدراسات المقدسية، رام الله، 2004).
وفي سبت النور هذا
العام، كما في العام الماضي، كانت السياسة حاضرة، فهتف المشاركون اليوم:
"يا داعش وينك
وينك
مسيحي يقلع
عينك"
و "يا داعش صبرك
صبرك
مسيحي يحفر
قبرك"
و "يا أبو بكر
البغدادي
ليش تطردني من بلادي".
الصراع في الشرق
مستمر على الهوية..! وسبت النور وغيره من أعياد الفلاح الفلسطيني، تجلي دفاعي عن
الهوية..!