الصفحات

الاثنين، 7 يوليو 2025

القصيدة الثلجية!


 


لا أعرف إذا كان الثلج في عام 1624م سقط غزيرًا في القدس، مثل علمنا عن الثلج في الخليل عام 1508م كما يخبرنا مجير الدين الحنبلي أنَّه هطل مدة سبعة أيام متواصلة.

القدس، أيضًا، هي مدينة العاطلين والأوباش والمتبطلين. ربما يستغرب المرء المهن التي امتهنوها مثال على ذلك، قراءة قصيدة في المسجد الأقصى.

"في عام 1624م نظم قاضي القدس محمد أفندي بن محمود الحسيني الشهير بشيخي (ت 1633م) قصيدته المشهورة بالثلجية وقفا، وكان ممن عينوا في تلك الوظيفة فتح الله بن طه الديري عام 1653م عوضا عن والده، وأسعد أبو السعود الدقاق بزبزت، الذي تنازل عنها لأولاد أسعد الدقاق عام 1755م، فاستمرت بأيديهم حتى القرن الثالث عشر الهجري".

من هو شيخي هذا؟ يقدمه المحبي في كتابه: نفحة الريحانة ورشحة طلاء الحانة، كشاغر ومدبج ممدوحات وغير ذلك مما يستلزمه وظيفة مثقف في عصره.

لكن يبدو، أن أكثر ما عرف عنه هو قصيدته الثلجية، التي كانت مشهور في القدس. يقال، وليس مهما من يقول، أنه نظمها عندما كان قاضيا في بيت لحم، ويقال، أنَّه نظمها عندما كان قاضيا في القدس، وأظن أن قاضي القدس، كان نفسه قاضي بيت لحم ورام الله وغيرهما.

يستهلها بمشهد الثلج يسقط على جبل الزيتون، والحرم القدسي:

ما الثلجُ ثَجَّ على ذا الطُّورِ والْحَرَمِ ... نُورٌ تجلَّى به الرحمنُ ذو الكرمِ

من عهدِ مُوسى تجلَّى لا نظيرَ له ... لكنَّه شاملٌ للعُرْبِ والعجَمِ

ومنها:

من جانبِ الرومِ ضيفٌ قد ألَمَّ بنا ... أنْجَى الخلائقَ من جَدْبٍ ومن ألَمِ

مُنَوَّرُ الوجهِ شيخٌ من محاسنِه ال ... بيْضَا يفيضُ بوجهِ الْبانِ والعَلَمِ

تأتي سليمانَ من سُحْبٍ أريكتُه ... فالرِّيح تحملها بالخيْلِ والحَشَمِ

تواضُعاً وجهُه في الأرضِ محتَشِمٌ ... فمن تخطَّاه قُلْ يا زَلَّةَ القدم

من الواضح إعجاب القاضي بقصيدته، التي قد يعتبرها الضالعون في الشعر نوعًا من معارضة مع بردة الإمام البوصيرى، وربَّما أعجب بها الناس، بعد شيوعها، وهي تستحق ذلك بلا شك، وهذا ما جعله، يجعل لها وقفًا وقراء يقرأونها كل ليلة في المسجد الأقصى، حتى أصبحت قراءتها تتوارث، وإرث يباع أو يتنازل عنه لعائلة مقدسية أخرى!

ماذا يفعل ثلج القدس بناسها؟ في آخر سنواته في بغداد، افتقد جبرا إبراهيم جبرا، بشدة، ثلج القدس، مع كرور السنوات يتحسَّر النَّاس على سنوات الخير الثلجيِّ، معتقدين أنَّه يتضاءل كل عام!

#جبرا_إبراهيم_جبرا

#لطيفة_الديلمي

#أسامة_العيسة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق