الصفحات

الجمعة، 4 يوليو 2025

جَدَّتي المتألمة!


 


في يوم الخميس 5 أكتوبر 2023م، غادرت تلّ زكريا مع رفيقيّ، على أمل العودة يوم الأحد. حدث يوم السبت ما هو معروف، وكان ذلك آخر لقاء لي بالتل، إلى عودة قريبة مؤكدة.

في 19 آذار (مارس) 2025م، والعودة إلى قريتي وتلها لم تتحقق، نشرت مجلة الآثار التوراتية، مقالا عن اكتشاف مذهل خلال الحفريات الاحتلالية، غير الشرعية في التل.

الحديث عن نوع جديد من التماثيل الصغيرة، بغطاء رأس مُزيّن بالريش، فيه ملامح مع ما اكتشف من تماثيل سابقة من تماثيل النساء العاريات المصنوعة من الطين الشائعة في مواقع العصر البرونزي المتأخر في جنوب بلاد الشام.

عُثر على تمثال تلّ زكريا في موقع دمار يعود تاريخه إلى أواخر القرن الثاني عشر قبل الميلاد، في ذلك الوقت الذي كان الفلسطينيون قد بدأوا بالفعل بالاستقرار في مدينتي عقرون وجت (تلّ الصافي) القريبتين. من المحتمل أن الحرفي الذي صنع التمثال استلهم تصميمه من خوذات الفلسطينيين المزينة بالريش، والتي ربما كانت ترمز إلى قوة المحاربين وصمودهم. ربطت نصوص الشرق الأدنى القديمة أحيانًا الأمهات الحوامل بالمحاربين في ساحة المعركة:

المرأة التي تلد مُغطاة بغبار الموت،

مُغطاة بغبار المعركة، كعربة،

مُغطاة بغبار الخفافيش، كمحراث.

تتمدد في دمها، كمحاربة مُكافحة .

في نهاية العصر البرونزي المتأخر، وجد حرفيو قريتنا أنفسهم في عالم متغير. فباستخدام الطين، صنعوا تماثيل تحمل سمات معروفة من تماثيل النساء الشائعة آنذاك، لكنهم أضافوا إليها عناصر. جديدة، مثل غطاء الرأس الريشي، الذي عبّر عن صفات القوة والسلطة. لكن يبقى الحزن والألم في عينيّ تمثال واحدة من الجَدَّات، يتمدَّد في الأزمان، تعبيرًا عن مغالبة مستمرة للسلطات القاهرة.

#تلّ_زكريا

#أسامة_العيسة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق