في
قسم "فيمن خالسته عيون الإماء فأسلمته إلى الفناء وكادت أن تقضي عليه لولا
المداركة بالوفاء" يتحدَّث شيخنا داود الأنطاكي في كتابه: تزيين الأسواق في
أخبار العشّاق عن حبَّابة، التي عشقها يزيد بن عبد الملك، الَّذي سيصبح تاسع
الخلفاء الأمويِّين، وإنَّها كانت تسمى العالية. وهي: "أجمل نساء زمانها قد
حوت اللطافة والمعرفة بالأدب والآلات والغناء وأخذته عن أهله مثل معبد وجميلة وأُمّ
عوف وغيرهم". وتطوَّحت بهما السبل والبلدان.
اقترح
يزيد، يومًا، على سلَّامة وحبَّابة: "أن تغني كل منهما ما في نفسه، ومن أصابت
فلها ما تطلب فغنت سلَّامة فلم تصب وغنت حبَّابة:
خلف
من بني كنانة حولي ... بفلسطين يسرعون الرُّكوبا".
ضربت
حبَّابة، بصوتها، على وتر الشوق والحنين، مستحضرة مجد واحدة من أشهر القبائل
العربيَّة، بينما يضفي اسم فلسطين، إنثيالًا لا ينتهي من الحنين والتأسي.
لم
تطل فترة حكم يزيد، الذي يوصف أنَّ حبه لحبَّابة أودى به، صريع العشق. وذكر الإخباريون
حكايات عشقه المميت، بعد موت حبَّابة.
أما
بالنسبة للبيت المغنى الذي طوَّح بيزيد حنينًا وطربًا، فيمكن الاستئناس بكتاب
الأغاني في أخبار الشاعر الخليع مطيع بن إياس الكناني. والده من أهل فلسطين خرج مع
المدد الذي بعثه عبد الملك بن مروان إلى الحجاج بالكوفة، فتزوَّج إياس وَوُلِدَ له
مطيع، الذي يصفه أستاذنا أبو فرج الأصفهاني أنَّه كان حاضرَ الجواب وصاحب نادرةٍ،
وأنَّه: "ذات يوم كان جالسًا يُعَدِّدُ بطونَ قريش، ويذكرُ مَآثِرَها
ومفاخرَها، فقيل له: فأين بنو كنانة؟ قال: بفلسطين يُسْرِعونَ الرُّكُوبا، أراد
قولَ عبيد الله بن قيس الرُّقَيَّات :
حِلَقٌ
من بني كنانةَ حولي/ بفلسطينَ يُسْرِعونَ الرُّكوبا".
هكذا
كان وقع اسم فلسطين، كما هو الآن!
يهتف
الشاعر المعاصر: كانت تسمى فلسطين..صارت تسمى فلسطين.
الصورة:
دير ياسين
#داود_الأنطاكي
#أبو_الفرج_الأصفهاني
#أسامة_العييسة