الصفحات

الخميس، 3 يوليو 2025

وَقْع الاسم فلسطين!


 


في قسم "فيمن خالسته عيون الإماء فأسلمته إلى الفناء وكادت أن تقضي عليه لولا المداركة بالوفاء" يتحدَّث شيخنا داود الأنطاكي في كتابه: تزيين الأسواق في أخبار العشّاق عن حبَّابة، التي عشقها يزيد بن عبد الملك، الَّذي سيصبح تاسع الخلفاء الأمويِّين، وإنَّها كانت تسمى العالية. وهي: "أجمل نساء زمانها قد حوت اللطافة والمعرفة بالأدب والآلات والغناء وأخذته عن أهله مثل معبد وجميلة وأُمّ عوف وغيرهم". وتطوَّحت بهما السبل والبلدان.

اقترح يزيد، يومًا، على سلَّامة وحبَّابة: "أن تغني كل منهما ما في نفسه، ومن أصابت فلها ما تطلب فغنت سلَّامة فلم تصب وغنت حبَّابة:

خلف من بني كنانة حولي ... بفلسطين يسرعون الرُّكوبا".

ضربت حبَّابة، بصوتها، على وتر الشوق والحنين، مستحضرة مجد واحدة من أشهر القبائل العربيَّة، بينما يضفي اسم فلسطين، إنثيالًا لا ينتهي من الحنين والتأسي.

لم تطل فترة حكم يزيد، الذي يوصف أنَّ حبه لحبَّابة أودى به، صريع العشق. وذكر الإخباريون حكايات عشقه المميت، بعد موت حبَّابة.

أما بالنسبة للبيت المغنى الذي طوَّح بيزيد حنينًا وطربًا، فيمكن الاستئناس بكتاب الأغاني في أخبار الشاعر الخليع مطيع بن إياس الكناني. والده من أهل فلسطين خرج مع المدد الذي بعثه عبد الملك بن مروان إلى الحجاج بالكوفة، فتزوَّج إياس وَوُلِدَ له مطيع، الذي يصفه أستاذنا أبو فرج الأصفهاني أنَّه كان حاضرَ الجواب وصاحب نادرةٍ، وأنَّه: "ذات يوم كان جالسًا يُعَدِّدُ بطونَ قريش، ويذكرُ مَآثِرَها ومفاخرَها، فقيل له: فأين بنو كنانة؟ قال: بفلسطين يُسْرِعونَ الرُّكُوبا، أراد قولَ عبيد الله بن قيس الرُّقَيَّات :

حِلَقٌ من بني كنانةَ حولي/ بفلسطينَ يُسْرِعونَ الرُّكوبا".

هكذا كان وقع اسم فلسطين، كما هو الآن!

يهتف الشاعر المعاصر: كانت تسمى فلسطين..صارت تسمى فلسطين.

الصورة: دير ياسين

#داود_الأنطاكي

#أبو_الفرج_الأصفهاني

#أسامة_العييسة

الثلاثاء، 1 يوليو 2025

بيت لحم 1960


 


وصلت بعثة مجلة العربيّ الكويتيَّة، بيت لحم لتشهد احتفالات المدينة بأعياد الميلاد، ونشرت المجلة برئاسة تحريرها الدكتور أحمد زكي، في عدد رقم 26 (كانون الثاني 1961م) استطلاعًا عن البيوت الثلاثة: بيت لحم، وبيت جالا، وبيت ساحور، ضمن سلسلة استطلاعات المجلة المشهورة بعنوان: اعرف وطنك أيها العربيِّ.

وصل مندوبو المجلة الى بيت لحم، آتين من القدس من "الطريق الملتوي الحلزوني"، والمقصود طريق وادي النار، الذي أصبح يصل بيت لحم بتوأمها القدس بعد نكبة 1948م، إلى حين استخدام طريق مار الياس. تنقل المجلة عن السائق حسرته "على أيام زمان، عندما كان يقطع هذه المسافة في خمس دقائق فقط".

لو بعثت المجلة مندوبًا لها الى المدينة الآن، لقال ما أشبه اليوم بأمسه. بعد عودة طريق وادي النار مولوجة منذ 30 آذار 1993م.

يذكر الاستطلاع اسمي الجنديِّين المسلمين، من يتناوبان حراسة كنيسة المهد: محمود سليم مسلم، ومنصور أسعد سالم.

عدد سكَّان المدينة، وقت الاستطلاع قفز إلى 20 ألف نسمة، بينما كان 6815 نسمة عام 1921م.

فيما بدا تندرًا خفيًا، يقول كاتب الاستطلاع المجهول، وهو الآتي من بلد اللؤلؤ، إنَّ التلحميين يستوردون الصدف، ويسمونه "أم اللؤلؤ".

من عادة سكان بيت ساحور، تقديم الفقوس بعد انتهاء العشاء. يشعر كاتب الاستطلاع أن عليه الشرح للقرَّاء، فيشكِّل كلمة الفَقّوُس، وهي "نوع من الخيار".

أظن أن موسم فقوس بيت ساحور هذا العام، فُقس، ولم تحتفل المدينة به، منذ مأبدة غزة.

يعرِّف الاستطلاع قرَّاء المجلة، على فندق ايفرست في بيت جالا، حيث يمكن، عند الغروب رؤية مياه البحر الأبيض. عدد سكان بيت جالا: 7 آلاف، وبيت ساحور: 6 آلاف.

من صور الاستطلاع الهام، الذي لم تنشر وسائل الإعلام الفلسطينية مثله، مهنيًا، أو صدقًا، أو في دقة معلوماته، أو إحاطة، أو ثقافة معده، صورة لمن تصفهم بعض شيوخ العشائر مع الشيخ محمد سالم ذويب نائب المنطقة، وأخرى لسيدات جمعيَّة الاتحاذ النسائيِّ، خلال بناء مقر الجمعيَّة، بعد جمعهن تبرعات من الكويت.

الصحف برؤساء تحريرها. رحم الله الدكتور أحمد زكي.

*أُبجِّل المكرَّم يوسف شرقاوي، لتزويدي المادة الأرشيفية.

*الصورة: من الاستطلاع؛ تلحمية عام 1960م.

#الدكتور_أحمد_زكي

#يوسف_شرقاوي

#مجلة_العربي

#بيت_لحم

#أسامة_العيسة